ودّعت طائفة الموحدين الدروز وبلدة عرمون اليوم المرجع التوحيدي وعضو الهيئة الروحية العليا المرحوم الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام، بعد مسيرة طويلة من التقوى والمسلكية والتعبّد.
وفي اتصال مع موقع "ليبانون فايلز"، نعاه كبير مشايخ خلوات البياضة الشيخ فندي شجاع، قائلاً "تميّز بالهدوء والسكينة والوقار وليونة الطباع، وحاز على ثقة الهيئة الدينيّة"، مشيراً الى انه "يمثّل الجيل الأخير في الطائفة الدرزية من الجيل القديم، وهو محطّ تقدير واحترام كبيرين في المجتمع الدرزي".
والشيخ أبو غنام من مواليد بلدة عرمون في شهر آب 1915، نشأ في كنف أسرة دينيّة متوسّطة الحال، وظهرت عليه معالم التقوى والورع باكراً، وكان مع مجموعة من إخوانه من تلاميذ الشيخ أبو حسين محمود فرج في عبيه. وأما ما تميّز به من ورع وتقوى، وحلم ورويّة، اكتسب ثقة الشيوخ، وكرمه الشيخ فرج، بإلباسه العباءة البيضاء المقلّمة التي لا يلبسها الا مَن كانوا مثالا في التقوى والمسلكية، ليصبح بذلك من أعيان البلاد.
وصحيح أنّه كان بعيداً عن الاعلام، الا انه كان حاضراً في مختلف قضايا الامة العربيّة وداعماً لها، لكنّه ترك السياسة لأهلها وانصرف الى البحث عن الحقيقة الخالدة في جوهر التوحيد.
وكان من أعيان الشيوخ الداعمين للشيخ أبو يوسف أمين طريف في فلسطين، وكان من الموقعين على الوثيقة التي أرسلت دعما له، وكانا على صلة وبينهما مراسلات.
واضاف الشيخ شجاع في حديثه لـ "ليبانون فايلز": "فقدنا علما جليلاً ورجلاً تميّز بالتقوى والصلاة والدعوة للخير والهداية". وتابع "كان عروبي صميم، من الداعمين للوحدة الوطنيّة والاسلاميّة. وكان يؤلمه ما يحصل من شقاق وتنافر بين المذاهب الاسلامية".
وتمسّك الشيخ بكثير من المواقف والعادات الدينية الشريفة التي ورثها عن الشيوخ الأقدمين، فكانت له مهابة خاصة عند الجميع بالرغم من البسمة الدائمة التي تعلو مُحيّاه .
وفي العام 1991 دعا الشيخ إلى تشييد خلوة في عرمون وأقام بها نهضة دينية واسعة، فأصبحت محجة للشيوخ وتعج بالمستجيبين والمريدين.
وكان توّج المرجع الروحي الأعلى للطائفة في لبنان الشيخ المرحوم أبو محمد جواد ولي الدين الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام، والشيخ أبو يوسف أمين الصايغ من بلدة شارون بالعمامة "المدورة"، يوم السبت في الرابع من تشرين الثاني 2006، في حضور عدد من مشايخ الطائفة الثقات، كما بارك لاحقا تتويج الشيخ ابو سليمان حسيب الصايغ. والعمامة المدوّرة تزين أضرحة كثير من أولياء الدروز الذين مرّوا في القرون الماضية وأبرزهم المصلح الديني وإمام الموحدين الدروز في بلاد الشام الأمير السيّد جمال الدين عبد الله التنوخي.
وبرحيل الشيخ، تكون الهيئة الروحية العليا اصبحت في عهدة الشيخين امين الصايغ وحسيب الصايغ، مع الاشارة الى ان هذه الهيئة لا تضم مناصب انما هي تكريم للمشايخ التقاة الذين ينالون ثقة اخوانهم ويثبتون مسلكية شريفة في حياتهم.