دير مار الياس شويّا

أديار الجوار

دير مار الياس شويا

الدير ديران

جانب  منه للرهبنة المارونيّة  المريمية والجانب الآخر المطل على وادي نهر الكلب والمشرف على قرى متنية وكسروانية  فهو  خاص بالرهبان الأرثوذكسيين.




دير الموارنة

ترهَب الياس الجميّل في دير مار انطونيوس قزحيا وعاد الى مسقط رأسه "شويا" فبنى ديرا على اسمه في اواخر القرن السابع عشر. بعدها صار الياس مطرانا على ابرشية قبرص.

إثر وفاته استلم الدير ابن اخيه فيليبوس.هذا الذي صار مطرانا ثم بطريركا مارونيا على انطاكيا وسائر المشرق.

ولد فيليبوس الجميل في شويا عام 1740، انخرط في سلك الكهنوت باكرًا، وعينه البطريرك يوسف اسطفان رئيسًا لأساقفة قبرص في 3 أكتوبر 1786. بعد وفاة البطريرك ميخائيل فاضل، التأم المطارنة في بكركي يوم 12 تموز 1795 وكانوا تسعة وقرروا ترشيح يوحنا الحلو وفيليبوس الجميل للسّدة البطريركيّة، على أن يقترع السبعة الباقون ويعتبر فائزًا من يحصل على أربعة أصوات؛ فانتخب فيليبوس الجميل  وثبته البابا بيوس السادس في 27 تموز 1796؛ غير أنه كان قد توفي في 12 أبريل 1796 في دير سيدة بكركي حيث دفن.[1]

حبريته القصيرة لم تحفظ له كثيرًا من الأعمال، فلم يُرَقِّ سوى اثنين لرتبة المطرانيّة، هما ميخائيل فاضل الثاني رئيسًا لأساقفة بيروت، وإقليموس الخازن رئيسًا لأساقفة دمشق. وهب الدير  للرهبنة المارونية الحلبية عام 1728 فراحت تهتم بتنظيمه وإدارة املاكه واستمرّت ولا تزال وقد تغير اسمها فصار عام 1968 "رهبانية الطوباوية مريمأو "الرهبانية المريمية".

كان  هذا الدير ، دير مار الياس شويا للموارنة  يأوي الرهبان والراهبات في جناحين متميّزين.

عام 1861 قررت الرهبنة نقل دير الإبتداء من اللويزة الى مار الياس شويا وهكذا كان. رممت الرهبانية الدير عام 1898 فسقفته بأكمله بالقرميد.عام 1957 وعلى عهد الآباتي لويس البستاني هَدمَت الرهبنة بعض الأبنية وأقامت  مكانها بناء جديدا.

تعرض الدير خلال الحرب  الأهلية للنهب عدة مرّات. عاد المريميون فأصلحوه  فور انتهاء الأعمال العسكرية في التسعينيات.(1)


دير الروم

إنه المقر  الثاني لبطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الاورثوذكس في لبنان. يقوم على تلة مشرفة على العديد من قرى المتن وعلى جزء من قرى كسروان خلف قاطع نهر الكلب.

يعود تاريخ الى ما قبل سنة 1596  يؤكد ذلك حجة شراء ارض من الدير  بتاريخ 1596 وقعها رئيس الدير آنذاك الخوري سليمان.  بنى الاب بطرس كنيسة لصلاته وصومعة لمسكنه ثم وقف الارض وما عليها للبطريركية الانطاكية للروم الأرثوذكس.

 عانى الدير من جرّاء انشقاق العام 1724.  فقد تقلّبت ملكيّته بين الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس، تبعًا لمن من الطائفتين  يُقدّم مداخيل أكبر لأمراء أبي اللمع الدروز المحلّيّين. يذكر الرحّالة الروسيّ بارسكي وجود خمسة رهبان في دير مار إلياس شويّا عام 1728 . وثمّة وثيقة، نشرها المؤرّخ أسد رستم، تفيد بأنّ الروم الأرثوذكس استعادوا الدير نهائيًّا في العام 1749، عندما دفع يونس نقولا الجبيلي ألفًا وخمسمائة قرش للأميرين إسماعيل وحسن أبي اللمع. وقد عهد يونس بالدير إلى الرهبان الأرثوذكس، وتعهّد أمراء أبي اللمع من جهتهم بحماية الرهبان والاستماع إلى شكواهم. وتدلّ هذه الوثيقة النموذجيّة على مدى هشاشة وضع أراضي الوقف في تلك الحقبة الزمنيّة.

تهدّم الدير ما عدا الأقبية القديمة وتهدّمت الكنيسة  عام 1759 اثر زلزال ضرب المنطقة .فأعيد عماره في السنة التالية  كما اعيد بناء الكنيسة التي كتب فوق بابها الغربي 

" لما حدثت الزلازل انهدم دير القديس الياس

وبخارج عن الكنيسة لا يسمح الناموس في قداس

فأعاد بناه الخوري صفرينيوس بشدة باس

بسعي المسيحيين وكان المطران يوانيكيوس راس

سنة 1760 مسيحية"

ولوحة اخرى فوق الباب الجنوبي للكنيسة الحالية جاء عليها :

" قد أقبل السعد والسرور  وزالت النحوس والكرور

وتجددت كنيسة الياس النبي الغيور

فتقدمْ ساجدا من بابها إن كنت راغبا أن تزور

فأساسها وكمالها قد  أرخا علة إسم  الرب الغيور"(2)

في القرن التاسع عشر  اعتمد ازدهار الدير، إلى حدّ كبير، على حسن العلاقات بين رؤسائه والأعيان المحلّيّين. فعلى سبيل المثال، كان مكاريوس، رئيس الدير بين 1833 و1872، حليفًا للأمير حيدر أبي اللمع وصديقًا له، وقد آوى الدير زوجة حيدر وأولاده عندما نفته الحكومة المصريّة في العام 1840. وعندما عاد الحكم العثمانيّ إلى المنطقة في العام 1845، قُسّم جبل لبنان إلى قائممقاميّتين درزيّة ومسيحيّة ونُصّب حيدر حاكمًا على القائممقاميّة المسيحيّة. في تلك الأثناء، كان الدير يضمّ ثمانية رهبان وثمانية خدّام، ويدلّ على ازدهاره بناء المزيد من الصوامع في العام 1841. ويروي الرحّالة البريطانيّ دايفد أوركهارد، الذي زار دير مار إلياس شويّا في العام 1850، أنّ الدير كان يستفيد من إنتاج الحرير المهمّ، وأنّه كان على أهبة الشروع ببناء قسم جديد بجانب الكنيسة.

 أسّس الدير مدرسة، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، درّس فيها أساتذة شهيرون، وأنشأ لاحقًا مدارسَ ابتدائيّة في القنّابة وأبو ميزان لأطفال متعهّدي الأراضي المحلّيّين.

برز أثر روسيّ قويّ في دير مار إلياس شويّا بدءًا من أواخر القرن التاسع عشر: فالقناصل الروس قدّموا المنح للمدرسة، وأقام المستشرقون والدبلوماسيّون الروس، أمثال بارسكي وباسيلي وكرشكوفسكي، في الدير لفترات متفاوتة، وذلك قبل تأسيس الجمعيّة الإمبراطوريّة الروسيّة الفلسطينيّة وبعدها(3).


عام 1905 تم وصل الدير بالطريق العام زمن البطريرك ملاتيوس الثاني. كما قدِم رهبان روس إلى الدير عندما عاد البطريرك غريغوريوس الرابع (حدّاد) من روسيا العام 1910، وبقوا فيه ما يقارب خمس سنوات مُدخلين عليه إضافاتٍ وتعديلات عدّة. وقد جعلتهم بساطتهم وتقواهم محبَّبين إلى قلوب السكّان المحلّيّين، غير أنّهم أُجبروا على الرحيل عندما أعلنت تركيا الحرب على روسيا العام 1915.

ان موقع الدير الاستراتيجي جعله هدفا للمتقاتلين في محاولات الإستيلاء عليه أثناء  الحرب الأهلية  اللبنانية  مما الحق به تدميرا كبيرا.
اصر المطران الياس نجم على ترميمه فانتهى من ذلك قبل نهاية الحرب بأربع سنوات وقد أرّخَت إعادة الإعمار بهذه الأبيات:

"يا تالت اللوحات يا جروح 

وكلام قولي عن الإيمان..برجال ..وسلام

لما الأرض غرقت ببحر الإنقسام

ودير الغيور حجارتو صارت ركام

.....

والمؤمنين كتار صبّو الإهتمام

عاد التهدم عام واحد ما استقام

وجسم المقدس من رماد السر قام

من الف وتسعميي والتمام

عشر تمانات وبعدها سبعة أعوام"

1987



 
أواخر عام  1896  وصل الى لبنان   أكريمسكي بهدف تعلّم اللغة العربية الفصحى . إنه  احد "المتدروشين" الروس  الوثيق الإتصال بقنصليّته من جهة وبفعاليات اورثوذكس ذلك الزمان في بيروت وجبل لبنان  من جهة أخرى. مكث شتاء سنة 1897 في بيروت ومنطقة الرميل الأورثوذكسية  تحديدا . تعرّف على طبائع اهل المدينة الذين لم يلاقوا عنده كل استحسان ! لقد باعوه الصنوبر الأخضر على اساس انها فاكهة سهلة الإستخراج  وهي نوع من انواع القشطا  الناضجة وغشّوه بسعر الليمون والتفاح.

صعد في صيف تلك السنة الى الشوير حيث امضى شهرين في الدرس والتجوال. من الشوير قصد عاريا وعاليه و حمانا وفالوغا والمديرج وبحمدون وسواها من القرى. كما انه جال في جرد المتين برفقة الخوري حنا مجاعص.

في نهاية ايلول غادر الى بيروت. ولم يغادر لبنان قبل منتصف 1898.
 
الإنطباع الذي تركه في يومياته حول الشوير يتمحور حول الصراع الارثوذكسي البروتستنتي والصراع اليوناني الروسي العربي بين الرهبان الارثوذكس كما يشير الى الحالة المذرية التي كان عليها الكهنة الارثوذكس من فقر وجهل بين المتين والمروج ومن طيبة قلب وكرم في بسكنتا  او مَلْعنة وأصحاب فتنة وحيلة وخبث كما هي حالة الخوري حنا مجاعص في الشوير.

إن ما خلّفه أ- كريمسكي من يوميات يُعَد من ابرز الدراسات  المهتمة بلبنان السياسي والإجتماعي  على مشارف القرن العشرين .

وقعنا في يومياته على نص يؤرخ لدير مار الياس شويا الأورثوذكسي ننشره بحرفيته:

"الشوير في 29-30 تموز 1897

يوم الأحد قام رئيس الدير الأب متى بزيارتي واليوم سأرد له الزيارة. يقوم الدير في مكان رائع الجمال يطل على البحر . جرس الدير قلاّب  كأجراس بيروت الأورثوذكسية وباقي الأجراس الأرثوذكسية باستثناء القدس. عدد الأخوة الرهبان في الدير قليل وهم سبعة فقط. وما زالوا سبعة منذ خمسين سنة. منهم اربعة يونان ، إذ إن البطريرك  الأورثوذكسي في دمشق  "اسبيريدون" يحاول ابعاد الرهبان العرب عن الأديرة حتى يحرمهم فرصة الترقي الى درجات كنسية عليا.

يضم الدير عددا من الصوامع بني بعضها على ما يبدو في القرن الثامن عشر، وباستطاعة الدير ان يستوعب عددا أكبر  بكثير من الرهبان.
يجري تأجير بعض الصوامع في الصيف للنزلاء الذين على معرفة برئيس الدير. وذات يوم قضى الصيف فيها القنصل الروسي بازيلي فأنهى مؤلّفه ذي المجلدين " سوريا وفلسطين في العام 1847"

ذهبت برفقة الكاهن الأب مجاعص. كان رئيس الدير غائبا لكننا استقبلنا بحفاوة بالغة وطفنا في الدير نتعرف على معالمه.وصلنا الى قاعة الطعام فشاهد الخوري مجاعص على المائدة جاطا من التوت معدا لرئيس الدير فالتهمهشعرت بالخجل ورفضت المشاركة . دخلنا صومعة الرئيس فشاهدنا على النافذة وعاء مليئا بالتفاح. اشار الأب مجاعص ان يزودوني بتفاحتين ففعلوا .

نزل بنا الرهبان الى كهف تحت الدير دفن فيه بعض المطارنة . دخلت الكهف زحفا عبر فتحة ضيّقة برفقة أحد الرهبان. صفّت جماجم كثيرة على الرفوف . وفي تابوت  خشبي لا غطاء له تمددت بقايا جثة نصف بالية للمتروبوليت مكاريوس  المتوفي منذ مئة وعشرين سنة . كانت جمجمته نظيفة إلا من بقايا الجلد على الجبين ....منظر حزين في الواقع.

رغبت في رؤية المكتبة، لكن الخوري حنا وقد رأى الشمس تشرف على المغيب غمز الراهب بإشارة باليدين  كي يرفض ،فاعتذر الراهب بحجة ان مفتاح المكتبة مع بونا متى وقد شاهدت بأم العين هذه الإشارة وهكذا كان فاضطررت الى تأجيل زيارة المكتبة  . بالمناسبة شاهدت في الدير نسخة قديمة من الإنجيل باللغة العربية يزيد عمرها عن خمسماية سنة".(3)

(1)الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل، يوسف الدبس، بيروت 1905، ص.459-460 .
(2) عماد إدوار مراد ، الأديرة في قضاء المتن، منشورات الرسل 2003 ص.169.
(3) عماد إدوار مراد ، الأديرة في قضاء المتن، منشورات الرسل 2003 ص.311.
(5) دير مار إلياس - شويّا البطريركيّ
http://www.antiochpatriarchate.org/ar/pageHYPERLINK "http://www.antiochpatriarchate.org/ar/page/147"/HYPERLINK "http://www.antiochpatriarchate.org/ar/page/147"147
(6)
مسعود ضاهر : بيروت وجبل لبنان على مشارف القرن العشرين، دار الهدى للطباعة والنشر، ط1 بيروت 1985. ص.223

شربل نجار

Latest Comments


Post a Comment

Name *
Email
Comment *