كانت تانيا منذ أشهر تكتب وتلحّن للمناسبة، محلّقة في أغانيها الجديدة نحو فضاء أسمى من واقع الصراعات المتشابكة. لقد ذهبت بصوتها وكلماتها إلى موضوع يستطيع وحده إحتضان قضية عظيمة، الحبّ، لنكون على موعد معه في حديقة الشهيد مساء الأحد في السادس والعشرين من أيار.
¶ ماذا تخبريننا عن إفتتاحك المهرجان؟
- سأقدّم حفلة موسيقية خاصة هي حفلة إفتتاح المهرجان، فقد طلبت مني السيدة جيزيل خوري أن أقدم أغاني جديدة لم تقدّم قبلاً. قبلت التحدّي الذي لم يكن سهلاً، إذ لم يكن لديّّ أعمال جديدة، وفي أربعة أشهر حضّرت عدداً من الأغاني التي كنت كتبت بعضها، فعملت على موسيقاها، إضافة الى أغان كانت مسجّلة فأعدت توزيعها، وهكذا حضّرت عشر أغان منها "يا حمام" للفنان الكبير حليم الرومي، وهي الوحيدة المعروفة لكنها منسية.
¶ ولماذا اخترت هذه الأغنية التي أعدت توزيعها؟
- كل المهتمين يعرفون الأغنية وهي أوّل ما غنته فيروز، لذا فيها جاذب خاص إذ كان صوت فيروز مبتدئاً ولا تستطيعين تمييزه. أحبّ لحنها كثيراً وأفكّر دائماً بالفنانين الذين قدموا أعمالا كهذه، ولا أحد يأتي على ذكرهم عموماً، فحليم الرومي شخصية مهمة جداً في تاريخنا وعنده الروح الشرقية مع الروح اللبنانية، وقد مزجهما في موسيقاه بطريقة راقية وذوّاقة وبسيطة.
¶ وماذا عن الأغاني الأخرى التي سنستمع إليها في الحفلة؟
- ثمة أغنية من ألحان بوغوص جلاليان الذي فقدناه العام الماضي، فأعطتني زوجته اللحن على أن أضع له كلاماً، وهكذا ولدت أغنية "طريق الحبّ" وهي من توزيع الفنان إدوارد توريكيان ومعه جوقة الكورس. ومن أهم من تعاونت معهم الفنان عصام الحاج علي الذي كتب "ما في ولا مشكل" ولحنها، وأيضاً  تعاونت معه في ألحان أغنية "يوم بيتوه"، كما أغني من ألحانه "هي لا تحبك" للشاعر محمود درويش. إضافة الى مجموعة أغان من كلماتي وألحاني: "شبابيك بيروت"، "شوية صور"، "هالعيون"، "من سكات"، "كل ما تروح".
¶ وهل خصصت المناسبة بموضوع معيّن بما أن المهرجان مهدى الى روح الشهيد سمير قصير؟
- هذه الحفلة كلّها أغان عن الحب، ليس بالكلام المستهلك والمتداول. جرّبت أن أكتب عن الحبّ بمعناه الكبير، أي حبّ الحياة والناس والزوج والعائلة والأصدقاء، في وقت نرى ما يعكسه الإعلام من مصائب ودماء، فيما نحن ليس أمامنا إلاّ أن نعطي لبعضنا إشارات إيجابية تكون محرّكاً للحياة.
¶ لكنك قدمت أغاني فيها قدر مهم من النقد الإجتماعي والسياسي الذي يحاكي المرحلة مثل "عمر وعلي" وغيرها؟
- هذه المرة لم أتناول أيّ موضوع سياسي، لأني شعرت بالقرف حقا، وكل ما أريد قوله قلته. لقد تكلمنا على الطائفية وعلى شعبنا المشتت وعلى الخلاف المذهبي "عمر وعلي" وعلى الجيل الذي لا يعرف أين هو، فلا أحبّ أن أكرّر نفسي وخصوصاً أننا في مرحلة ضبابية. ليس سهلاً أن تعرفي ما هو وضع المجتمع وهل يبقى عندك هوية أم لا. ربما أعود وأستوحي شيئاً في الأغاني، لكني أحتاج الى التأمل في هذه المرحلة الملبدة بالغيوم.
¶ تعنين أن المرحلة لم توح لك كتابة أو تلحين شيء ما؟
- حين تنظرين إلى كل هذه المسائل من بعيد تسألين "كيف بدها تنحل كل هالإشيا"، بغير التفاهم مع الآخر بمحبة وسلام؟ صودف في هذه الفترة أني كنت أكتب أغاني عن الحبّ ولا شيء سواه عندما قدم لي مهرجان ربيع بيروت عرض حفلة الإفتتاح. كما أنّ القصة التي جمعت جيزيل خوري بالشهيد سمير قصير توحي لي الكثير وتعطيني الأمل بالحبّ والحياة كقصّة حبّ كبيرة لا تزال جيزيل تحييها بأجمل طريقة وتعطي فيها  لسمير صورة ثقافية حيّة وليس صورة سياسية يتمّ إستعمالها بشكل ضيّق.
¶ ومن سيكون معك من الموسيقيين في هذه الحفلة؟
- غيّرت  نمط الموسيقى والموسيقيين الذين إعتمدتهم قبلاً. ففي حين كانت الموسيقى تميل الى الروك وheavy guitars اليوم صارت أكثر هدوءًا. من سيرافقونني هم من أهمّ الموسيقيين في لبنان مثل رافي ماندليان (غيتار) فؤاد عفرا (درامز) نضال  أبو سمرا (بيانو وساكسوفون) مكرم أبو الحسن (دوبل بايس) بسام سابا (ناي) وإبرهيم جابر (إيقاعات). وأشرف على الفرقة ونظمها الفنان عبود السعدي الذي قام أيضاً بتنويط الأعمال.
¶ وهل تصدر هذه الأعمال في أسطوانة CD  أو كحفلة حية "LIVE"؟
- أتمنى ذلك، لكن حتى الآن هناك مشكلة الإنتاج، وأفضل أن لا تصدر هذه الأعمال على طريقة اللايف فهي تجربة ليست ناجحة تماماً كالستوديو إلاّ إذا توافرت موازنة كبيرة له. وتعرفين أن إنتاج الأسطوانات يعاني أزمة وأصبحنا نتّكل على الحفلات، وهذا تعانيه حتى الفرق العالمية التي تقوم بجولات كبيرة، أمّا نحن فتقتصر حفلاتنا في الخارج على دعوات من مهرجانات أوروبية تهتم بما يقدمه الفنانون العرب في هذه المرحلة مثل مهرجان "Free the arts" في أوسلو والذي كان مهرجاناً كبيرا أسعدني أن شاركت فيه أخيرا مع عدد مهمّ من الفنانين العرب.